|[ عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح هل يناقض الحياء؟ ]|
۞ عن ثابت البناني -رحمه الله تعالى- قال:
كنتُ عند أنس بن مالك – رضي الله عنه – وعنده ابنةٌ له قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تَعرض عليه نفسها، قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءها، وا سوأتاه، وا سوأتاه، قال: هي خيرٌ منكِ، رغبت في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فعرضتْ عليه نفسَها .
?”رواه البخاري في صحيحه”(٤٨٢٨).
?بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله
: باب ” عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح” .
✍? قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
قال ابن المنيِّر في “الحاشية” : من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة، استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه، وهو :
جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، رغبةً في صلاحه، فيجوز لها ذلك، وإذا رغب فيها تزوجها بشرطه ….
وفي الحديثين – أي: حديث سهل وحديث أنس، وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: جواز عرض المرأة نفسها على الرجل، وتعريفه رغبتها فيه، أن لا غضاضة عليها في ذلك، وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ـ له أن يقبل أو يرفض ـ، لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت” .
?”فتح الباري” لابن حجر(١٧٥/٩).
✍? وقال الحافظ العيني رحمه الله تعالى :
قول أنس لابنته ” هي خير منكِ ” دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله، أو لعلمه وشرفه، أو لخصلة من خصال الدين، وأنه لا عار عليها في ذلك، بل يدل على فضلها،
وبنت أنس رضي الله عنه نظرت إلى ظاهر الصورة، ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس ” هي خير منكِ “، وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه ” .
?عمدة القاري شرح صحيح البخاري “(١١٣/٢٠).
۞ قال الله تعالى :
{ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ } [القصص/٢٦]
✍? قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى :
قوله تعالى: { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ } فيه عرض الولي ابنته على الرجل،
وهذه سنَّة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان،
وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحَسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح،
قال ابن عمر لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: « إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ »، انفرد بإخراجه البخاري (٤٠٠٥)
?” تفسير القرطبي “(٢٧١/١٣).